التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
لم يكن كلام عمر رضي الله عنه ككلام بقيَّة النَّاس، وذلك لأنَّ الرسول ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَعَلَ الحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ»
جملةٌ من أقوال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحِكَمِه
لم يكن كلام عمر رضي الله عنه ككلام بقيَّة النَّاس!
يمكن أن نجزم بهذه الحقيقة!
الذي يدعونا لهذا التقرير ليس فقط المراجعة الدقيقة للأقوال التي قالها، أو الحِكَم التي استنبطها؛ ولكن لأنَّ الرسول ﷺ أكَّد تحديدًا روعةَ الكلام الذي يتكلَّم به هذا العَلَم! فعَنِ ابنِ عمر أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَعَلَ الحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ»[1]!
والجميل أنَّ كبار الصحابة والتابعين كانوا يلاحظون هذا التميُّز البارز في كلمات عمر رضي الله عنه، فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه مثلًا يقول: «إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ فَحَيَّ هَلَا بِعُمَرَ رضي الله عنه، مَا كُنَّا نُبْعِدُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ﷺ، إِنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ رضي الله عنه»[2]، وعندما سُئِل رضي الله عنه عن خير الناس بعد رسول الله ﷺ ذكر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، ولكنَّه زاد فضيلة كلام عمر رضي الله عنه؛ فعَنْ وَهْبٍ السُّوَائِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ: «مَنْ خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا ﷺ؟» فَقُلْتُ: أَنْتَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ قَالَ: «لَا، خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، ثُمَّ عُمَرُ رضي الله عنه، وَمَا نُبْعِدُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ رضي الله عنه»[3]! ورأى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الأمر نفسه فقال: «مَا كُنَّا نُبْعِدُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ رضي الله عنه»[4]، وقال طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ رضي الله عنه[5]: «كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْزِلُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ رضي الله عنه»[6]!
لهذا أحببتُ في هذا المختصر عن حياة هذا الصحابي العظيم أن أذكر طرفًا من أقواله؛ ففيها الحقُّ الذي وصف رسولُ الله ﷺ، وعليها النور الذي في قلب عمر رضي الله عنه.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ، عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ: «لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِأَحَدٍ تَرَكَ الصَّلَاةَ»[7].
وعَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، يَقُولُ: «تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَسُورَةَ النِّسَاءِ، وَسُورَةَ الْمَائِدَةِ، وَسُورَةَ الْحَجِّ، وَسُورَةَ النُّورِ، فَإِنَّ فِيهِنَّ الْفَرَائِضَ»[8].
وعَنْ أَبِي حُصَيْنٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: «إِذَا رَزَقَكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَوَدَّةَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ فَتَشَبَّثُوا بِهَا»[9].
وعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «لَا تَعْتَرِضْ فِيمَا لَا يُعْنِيكَ، وَاعْتَزِلْ عَدُوَّكَ، وَاحْتَفِظْ مِنْ خَلِيلِكَ إِلَّا الْأَمِينَ، فَإِنَّ الْأَمِينَ مِنَ الْقَوْمِ لَا يَعْدِلُهُ شَيْءٌ، وَلَا تَصْحَبِ الْفَاجِرَ لِيُعَلِّمَكَ مِنْ فُجُورِهِ، وَلَا تُفْشِ إِلَيْهِ سَرَّكَ، وَاسْتَشِرْ فِي أَمْرِكِ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللهَ»[10].
وقال أبو عثمان النهدي: سَمعتُ عمرَ بنَ الخطَّابِ رضي الله عنه يَقولُ: «اللَّهُمَّ إنْ كنتَ كَتبتَ عليَّ ذنبًا، أو إثمًا، أو ضِغْنًا، فاغْفِرْه لي، فإنَّكَ تَمحو ما تشاءُ وتُثبِتُ، وعندكَ أُمُّ الكِتابِ»[11].
وكَتَبَ عُمَرُ رضي الله عنه إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه: «أَنْ عَلِّمُوا غِلْمَانَكُمُ الْعَوْمَ، وَمُقَاتِلَتَكُمُ الرَّمْيَ»[12].
وعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا أَتَى أَبُو عُبَيْدَةَ رضي الله عنه الشَّامَ حُصِرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَأَصَابَهُمْ جَهْدٌ شَدِيدٌ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ رضي الله عنه: «سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ تَكُنْ شِدَّةٌ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَعْدَهَا فَرْجًا، وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ»[13].
وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا[14]»[15].
وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «المُصَلُّونَ أَحَقُّ بِالسَّوَارِي مِنَ المُتَحَدِّثِينَ إِلَيْهَا[16]»[17].
وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: نِعْمَ العِدْلاَنِ، وَنِعْمَ العِلاَوَةُ[18]: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ` أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾[19] [البقرة: 156، 157].
وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «شُدُّوا الرِّحَالَ فِي الحَجِّ فَإِنَّهُ أَحَدُ الجِهَادَيْنِ»[20].
وقال عمر رضي الله عنه لمعاوية بن حديج رضي الله عنه[21] عندما ظنَّه نائمًا بالقيلولة: لَئِنْ نِمْتُ النَّهَارَ لَأُضَيِّعَنَّ الرَّعِيَّةَ، وَلَئِنْ نِمْتُ اللَّيْلَ لَأُضَيِّعَنَّ نَفْسِي، فَكَيْفَ بِالنَّوْمِ مَعَ هَذَيْنِ يَا مُعَاوِيَةُ؟»[22]!
وقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «لَوْلاَ آخِرُ المُسْلِمِينَ، مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً إِلَّا قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا[23]، كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ ﷺ خَيْبَرَ»[24].
وقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه يَوْمًا لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ: فِيمَ تَرَوْنَ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ[25]﴾ [البقرة: 266]؟ قَالُوا: اللهُ أَعْلَمُ. فَغَضِبَ عُمَرُ رضي الله عنه فَقَالَ: «قُولُوا نَعْلَمُ أَوْ لاَ نَعْلَمُ». فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ب: فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «يَا ابْنَ أَخِي قُلْ وَلاَ تَحْقِرْ نَفْسَكَ». قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: ضُرِبَتْ مَثَلًا لِعَمَلٍ. قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «أَيُّ عَمَلٍ؟» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ب: لِعَمَلٍ. قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «لِرَجُلٍ غَنِيٍّ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللهِ عز وجل، ثُمَّ بَعَثَ اللهُ لَهُ الشَّيْطَانَ، فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ»[26]!
وقال عمر رضي الله عنه تعليقًا على آية ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ وَالقَنَاطِيرِ المُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالحَرْثِ، ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [آل عمران: 14]: «اللَّهُمَّ إِنَّا لاَ نَسْتَطِيعُ إِلَّا أَنْ نَفْرَحَ بِمَا زَيَّنْتَهُ لَنَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ أُنْفِقَهُ فِي حَقِّهِ»[27].
وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «وَجَدْنَا خَيْرَ عَيْشِنَا بِالصَّبْرِ»[28]!
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ غُلاَمًا قُتِلَ غِيلَةً، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «لَوِ اشْتَرَكَ فِيهَا أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ»[29].
وقال عَبْدُ اللهِ بْنُ عُتْبَةَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: «إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَإِنَّ الوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا، أَمِنَّاهُ، وَقَرَّبْنَاهُ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ، اللهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ، وَلَمْ نُصَدِّقْهُ، وَإِنْ قَالَ: إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ»[30].
وعَنِ العَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه: «لَا يَبِعْ فِي سُوقِنَا إِلَّا مَنْ قَدْ تَفَقَّهَ فِي الدِّينِ»[31].
وعَنْ أَبِي العَجْفَاءِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه: أَلَا لَا تُغَالُوا صَدُقَةَ النِّسَاءِ[32]، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا، أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللهِ لَكَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا نَبِيُّ اللهِ ﷺ، «مَا عَلِمْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَكَحَ شَيْئًا مِنْ نِسَائِهِ وَلَا أَنْكَحَ شَيْئًا مِنْ بَنَاتِهِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً»[33].
وعَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: «إِذَا أَوْسَعَ اللهُ عَلَيْكُمْ، فَأَوْسِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ[34]»[35].
وعَنْ يَرْفَأَ رضي الله عنه مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: يَا يَرْفَأُ، إِنِّي أَنْزَلْتُ مَالَ اللهِ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ مَالِ الْيَتِيمِ، إِنِ احْتَجْتُ أَخَذْتُ مِنْهُ، فَإِذَا أَيْسَرْتُ رَدَدْتُهُ، وَإِنِ اسْتَغْنَيْتُ اسْتَعْفَفْتُ[36].
وعَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ[37] وَاللَّحْنَ[38] وَالسُّنَنَ كَمَا تَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ»[39].
وعَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: «رُدُّوا الْخُصُومَ حَتَّى يَصْطَلِحُوا، فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُورِثُ الضَّغَائِنَ بَيْنَ النَّاسِ». قَالَ سُفْيَانُ: «وَلَكِنَّا وَضَعْنَا هَذَا إِذَا كَانَتْ شُبْهَةٌ، وَكَانَتْ قَرَابَةٌ، فَأَمَّا إِذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْقَضَاءُ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرُدَّهُمْ»[40].
وقال مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: «الْيَمِينُ أَثَمَةٌ أَوْ مَنْدَمَةٌ»[41].
لهذا النُّور الذي خرج من فم عمر رضي الله عنه اعتبره الصحابة أعلمهم بلا جدال، خاصَّةً بعد وفاة الصدِّيق رضي الله عنه، وليس غريبًا في الواقع ما قاله عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في وصف علمه، مع أنَّ بعض العلماء الكبار استغربوه! قال وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ رضي الله عنه: «لَوْ أَنَّ عِلْمَ عُمَرَ رضي الله عنه وُضِعَ فِي كِفَّةِ مِيزَانٍ، وَوُضِعَ عَلْمُ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي كِفَّةٍ لَرَجَحَ عِلْمُهُ بِعِلْمِهِمْ» قَالَ وَكِيعُ: قَالَ الْأَعْمَشُ[42]: فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ، فَأَتَيْتُ إِبْرَاهِيمَ[43] فَذَكَرْتُهُ لَهُ، فَقَالَ: وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ، فَوَاللهِ لَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللهِ رضي الله عنه أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «إِنِّي لَأَحْسِبُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْعِلْمِ ذَهَبَ يَوْمَ ذَهَبَ عُمَرُ رضي الله عنه»[44]!
[1] الترمذي: كتاب المناقب، باب في مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، (3682)، وقال: حديث حسن. وأحمد (9202)، وابن حبان (6889)، والحاكم (4501)، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.
[2] الطبراني: المعجم الأوسط، 5/359 (5549)، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن. انظر: الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، 9/67.
[3] أحمد (834)، وقال الأرناءوط: إسناده قوي.
[4] الطبراني: المعجم الكبير، 9/167 (8846)، وقال الهيثمي: رواه الطبراني، وإسناده حسن. انظر: الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، 9/67.
[5] له رؤية لرسول الله ﷺ، ولم يسمع منه، فصحبته مختلفٌ عليها.
[6] ابن أبي شيبة: المصنف، 6/ 358، والطبراني: المعجم الكبير، 8/320 (8218)، وقال الهيثمي: رواه الطبراني، ورجاله ثقات. انظر: الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، 9/67، وقال عبد السلام بن محسن آل عيسى: صحيح من طريق ابن أبي شيبة. انظر: دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية رضي الله عنه، 1/217.
[7] عبد الرزاق الصنعاني: المصنف، 3/125 (5010)، واللفظ له، وابن أبي شيبة: المصنف، 7/438، (37067)، وقال عبد السلام بن محسن آل عيسى: صحيح من طريق عبد الرزاق. انظر: دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية رضي الله عنه، 2/846.
[8] الحاكم (3493)، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي، والبيهقي: شعب الإيمان، 4/89 (2226).
[9] ابن أبي الدنيا: الإخوان ص81 (32)، واللفظ له، ووكيع: الزهد، ص609، وقال عبد السلام بن محسن آل عيسى: رجال إسناده عند ابن أبي الدنيا ثقات، وهو منقطع... ورجال إسناده عند وكيع ثقات أيضًا، وهو منقطع... فالأثر يرتقي بطريقيه لدرجة الحسن لغيره. انظر: دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية رضي الله عنه، 2/986.
[10] ابن المبارك: الزهد والرقائق، 1/491، وابن وهب: الجامع في الحديث، ص400، واللفظ له، وابن أبي شيبة: المصنف، 5/229 (25528)، وقال عبد السلام بن محسن آل عيسى: فالأثر يرتقي بمجموع طرقه لدرجة الحسن لغيره. انظر: دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية رضي الله عنه، 2/987.
[11] البخاري: التاريخ الكبير، 7/63، واللفظ له، والفاكهي: أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه، 1/229، 230 (418)، وقال الدهيش: إسناده حسن. وقال عبد السلام بن محسن آل عيسى: فالأثر حسن أيضًا بهذا اللفظ. انظر: دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية رضي الله عنه، 1/178.
[12] أحمد (323)، واللفظ له، وقال الأرناءوط: إسناده حسن. وابن حبان (6037).
[13] ابن أبي شيبة: المصنف، 4/222 (19486)، واللفظ له. وبلفظ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ مَهْمَا يَنْزِلْ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ مِنْ مُنْزَلِ شِدَّةٍ، يَجْعَلِ اللَّهُ بَعْدَهُا فَرَجًا، وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ. الموطأ - رواية يحيى الليثي، 2/446 (961)، وبلفظ: سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ مَا يَنْزِلُ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ مِنْ مَنْزِلَةِ شِدَّةٍ إِلَّا يَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ بَعْدَهَا فَرَجًا، وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ. والحاكم (3176)، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.
[14] أي تعلَّموا الفقه قبل أن تُصبحوا سادةً وقادة، ولعلَّ ذلك لأنَّ القائد قد يستنكف عن التفقُّه، وأيضًا لأنَّ القائد يتحمَّل مسئوليَّة من يقود، فيكون القائد غير الفقيه وبالًا على نفسه والناس، والله أعلم.
[15] ذكره البخاري تعليقًا، البخاري: كتاب العلم، باب الاغتباط في العلم والحكمة، والدارمي (250)، وقال حسين سليم أسد: إسناده صحيح.
[16] لأنَّ المصلِّي يحب أن يتَّخذ السارية -أي العمود- سترة في صلاته، فإذا وجد رجلًا جالسًا إليها لم يستطع أن يُصلِّي نحوها؛ فتقديم مصلحة المصلِّي في المسجد أولى.
[17] ذكره البخاري تعليقًا، البخاري: أبواب سترة المصلي، باب الصلاة إلى الأسطوانة، وابن أبي شيبة: المصنف، 2/147 (7512)، وابن كثير: مسند الفاروق أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأقواله على أبواب العلم، 1/188.
[18] العدلان: هما المثلان، ومراده بهما الصلوات والرحمة لمن صبر واحتسب عند المصيبة، والعلاوة: أي الزيادة، وهي ثناء الله تعالى عليهم بالهداية، والعدلان في الأصل ما يوضع على شقي الدابة من الحمل، والعلاوة ما يوضع عليه بعد تمام الحمل كالزاد وغيره.
[19] ذكره البخاري تعليقًا، البخاري: كتاب الجنائز، باب الصبر عند الصدمة الأولى، والحاكم (3068)، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي، والبيهقي: السنن الكبرى، 4/108.
[20] ذكره البخاري تعليقًا، البخاري: كتاب الحج، باب الحج على الرحل.
[21] مختلفٌ على صحبته.
[22] أحمد بن حنبل: الزهد، ص101، وابن عبد الحكم: فتوح مصر والمغرب، ص105، وقال عبد السلام بن محسن آل عيسى: الأثر حسن. انظر: دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية رضي الله عنه، 2/579.
[23] أي لولا حرصي على بقاء شيء من الأراضي للمسلمين الذين يأتون من بعدنا لقسمت الأراضي المفتوحة على المجاهدين الذين غنموها، ولكن كان هذا خيار من اثنين؛ إمَّا إبقاء الأراضي للدولة والمسلمين أو تقسيمها على المجاهدين، واختار عمر رضي الله عنه الخيار الأول للمصلحة العامة.
[24] البخاري: كتاب المزارعة، باب أوقاف النبي ﷺ وأرض الخراج ومزارعتهم، (2209)، واللفظ له، وأبو داود (3020).
[25] ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾
[البقرة: 266].
[26] البخاري: كتاب التفسير، سورة البقرة، (4264).
[27] ذكره البخاري تعليقًا، البخاري: كتاب الرقاق، باب قول النبي ﷺ: «هَذَا المَالُ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ».
[28] ذكره البخاري تعليقًا، البخاري: كتاب الرقاق، باب الصبر عن محارم الله، وابن كثير: مسند الفاروق أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأقواله على أبواب العلم، 3/54.
[29] ذكره البخاري تعليقًا، البخاري: كتاب الديات، باب إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم، واللفظ له، والموطأ - رواية يحيى الليثي، (1561)، والبيهقي: السنن الكبرى، 8/73 (15973).
[30] البخاري: كتاب الشهادات، باب الشهداء العدول، (2498).
[31] الترمذي: أبواب الوتر، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي ﷺ، (487)، وقال: حديث حسن. وابن كثير: مسند الفاروق أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأقواله على أبواب العلم، 2/24، وقال: وهو إسناد حسن صحيح.
[32] أي مهورهنَّ.
[33] أبو داود: كتاب النكاح، باب الصداق، (2106)، والترمذي (1114)، واللفظ له وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجه (1887)، وأحمد (285)، وقال الأرناءوط: صحيح. والدارمي (2200)، وقال حسين سليم أسد: إسناده صحيح.
[34] جَمَعَ رَجُلٌ: هُوَ بَقِيَّةُ قَوْلِ عُمَرَ، وَأوردهُ بِصِيغَة الْخَبَر، وَمرَاده الْأَمر؛ يَعْنِي ليجمع وَليصل. وَقِيلَ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ كَلَامٌ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ كَأَنَّهُ قَالَ: إِنْ جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ فَحَسَنٌ. انظر: ابن حجر العسقلاني: فتح الباري شرح صحيح البخاري، 1/475.
[35] البخاري: أبواب الصلاة في الثياب، باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء، (358)، والموطأ - رواية يحيى الليثي، (1622)، واللفظ له.
[36] الموطأ - رواية محمد بن الحسن (739)، واللفظ له، وورد عن البراء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رواه البيهقي: السنن الكبرى، 6/7، وابن كثير: مسند الفاروق أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأقواله على أبواب العلم، 2/32، وصحَّح ابن كثير إسناده.
[37] علم المواريث.
[38] له معانٍ كثيرة، والمقصود هنا لغة العرب وإعرابها الصحيح، ومعانيها الخفيَّة.
[39] الدارمي: كتاب الفرائض، باب في تعليم الفرائض، (2850)، وقال حسين سليم أسد: إسناده صحيح. والبيهقي: السنن الكبرى، 6/344، وابن أبي شيبة: المصنف، 6/240.
[40] عبد الرزاق الصنعاني: المصنف، 8/303.
[41] البيهقي: السنن الكبرى، 10/54، والبخاري: التاريخ الكبير، 2/129.
[42] هو سليمان بن مِهْران، وهو من التَّابعين الكبار، ومن الأئمة الأعلام من أهل الكوفة.
[43] هو إبراهيم النخعي، وهو مِنْ كبار فقهاء العراق، ومِنْ تابعي التَّابعين، وسمع مِنْ تلاميذ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه كمَسْرُوقٍ، وعَلْقَمَةَ، وشُرَيْحٍ، وغيرهم.
[44] الطبراني: المعجم الكبير 9/ 163 (8809)، وقال الهيثمي: رواه الطبراني بأسانيد، ورجال هذا رجال الصحيح غير أسد بن موسى، وهو ثقة. انظر: الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، 9/69.
التعليقات
إرسال تعليقك